إن نجاح أي سياسة مرهون بطريقة بتخطيطها وتصميمها الاستراتيجي للوصول إلى أهدافها المنشودة. وليس الأمر بغريب عن العديد من الدول التي لا تخلو أي من سياساتها أو استراتيجياتها من دراسة تامة وتصميم لاستخدام الخطط وأفضل الطرق والأدوات المثلى والإجراءات الواضحة لحل مشكلة محددة، وتحدد الحكومة اختيار الأداة المناسبة ومدى تأثيرها.
ويمكن لتصميم السياسة أن يكون متناقضا ومربكا للحكومات التي ترغب في إرضاء مختلف أصحاب المصلحة والتكيف مع مطالب المواطنين المتغيرة، ومحاولة تنفيذ السياسات طوال الوقت.
وهناك الكثير من أدوات التصميم الحالية المتاحة للحكومات لاستخدامها لأي هدف سياسي معين. في كثير من الأحيان، تكمن المشكلة أنه بمجرد أن تتجاوز الحكومات مرحلة التصميم إلى مرحلة التنفيذ، يتم إغلاق فصل مرحلة التصميم إلى الأبد، وتأتي العديد من المشاكل المحتملة التي قد تحدث في مرحلة التنفيذ.
وللوصول إلى حل لهذه المشكلة، يمكن لحكومات المستقبل أن تستفيد من مواءمة التصميم والتنفيذ، بدلا من معاملتهما كعنصرين منفصلين تماما، ويمكن لصانعي السياسات القيام بذلك من خلال طريق دمج آليات محددة (تعليقات أصحاب المصلحة) في مرحلة التنفيذ، بحيث يمكن أن يكون تصميم السياسة مرنا بما يكفي لتعديلها باستمرار إذا أوضح التنفيذ الحالي أن التعديل ضروري.
نظرياً، قام مركز تصميم وتنفيذ السياسات الذكية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد بالتركيز على موضوع تصميم السياسات والذي ينطوي على ست خطوات مهمة، ويجمع هذا النهج لتصميم السياسات العديد من العناصر الاستراتيجية التي تدعم بعضها البعض. وأن تحسين تصميم السياسة يغذى في كل خطوة من الخطوات الخمس الآتية، وهي:
أولاً، تحديد المشكلة، ويعني تحديد المشكلة التي ترمي السياسة إلى حلها، ويمكن ذلك من خلال التواصل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين مع الاعتراف بفرص التعامل مع المشكلة بالتعاون معهم.
ثانياً، التشخيص، معرفة سبب وجود مشكلة، والتمييز بين أسباب المشكلة وأعراضها.
ثالثاً، تصميم السياسة، ومعرفة الخيارات لمعالجة المشكلة، مع مراعاة السياق والقدرة والاستفادة من التكنولوجيا وآراء الخبراء من أصحاب المصلحة والموارد المتاحة.
رابعا، التنفيذ، تنفيذ الحلول التي صممت لعلاج المشكلة، ولكن ليس بالضرورة على نطاق واسع من البداية ولكن تنفيذها خطوة بخطوة.
وخامسا، اختبار نتائج تطبيق السياسة، إن اختبار نتائج تنفيذ السياسة الموضحة في الخطوات السابقة خطوة مهمة تؤدي بطبيعة الحال إلى تحسين تطبيق السياسة من خلال تصحيح خطوة أو مجموعة من الخطوات إن تطلب ذلك.
إن عملية صنع السياسات عملية معقدة ولكنها مستمرة، تتطلب من الحكومات أن تكون مرنة في تقبل تعليقات أصحاب المصلحة، وأن تتحمل المخاطر لجني ثمارها وتجنب الأخرى التي من شأنها أن تقود إلى خسارات فادحة، وأن تكون منفتحة على ارتكاب الأخطاء والتعلم منها، وتعديل المسار الذي تسلكه خلال العملية.
ويمكن للاستراتيجيين في القطاع الحكومي تطبيق هذه العملية في العديد من الاستراتيجيات الوطنية لتحقيق الوصول إلى أهداف ورؤية المملكة لعام 2030م وما بعدها كاستراتيجية مملكة البحرين للصناعة، البيئة، الطاقة، الأمن الغذائي، السياحة، وغيرها من السياسات التي تركز على تنويع واستدامة القطاعات غير النفطية.
المصدر: أخبار الخليج
على فقيه، أستاذ مشارك